بسم اللہ تعالی
قال اللہ سبحانه و تعالی (ليلة القدر خیر من ألف شهر) صدق اللہ العظیم۔
من فضائل هذا الشهر أن الله سبحانه وتعالى خصَّه بهذه الليلة الكريمة، ليلة القدر، ليلة هي خير من ألف شهر،
أي هي أفضل من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ... العبادة والطاعة فيها أفضل من الطاعة والعبادة في ألف شهر ليست فيها هذه الليلة،
وألف شهر ليست بالزمن القصير، ولا بالشيء الهيِّن، ألف شهر: ثلاثة وثمانون عاما وأربعة أشهر،
ليلة واحدة يستطيع الإنسان أن يكسب فيها عمرًا مديدا طويلاً، هو ثلاثة وثمانون عامًا.
فهذه ثلاثة وثمانون عامًا وأربعة أشهر ... عمر مديد يستطيع الإنسان أن يكسبه في ليلة واحدة يقومها لله عز وجل،
يتعبَّد له، يذكره ويشكره ويحسن عبادته ويتضرع إليه، ويقف على بابه خاشعًا ضارعًا، تائبًا منيبًا، داعيا،
قائلاً ما قال أبوه وأمه، آدم وزوجه من قبل: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23].
عشر ليال فقط، يقومها الإنسان لربه، يُغفر له فيها ما تقدَّم من ذنبه، كما جاء في الحديث الصحيح:
"مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه"[4].
هذه هي الليلة التي شرَّفها الله وكرَّمها، وإنما شرَّفها وكرَّمها لأنه أنزل فيها أعظم كتاب، أنزل فيها الكتاب الخالد،
الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أنزل فيها القرآن، قانون السماء لهداية الأرض، ودستور الخالق لإصلاح الخلق ...
اللہ عزوجل سماها ليلة مباركة؛ كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} [سورة الدخان: آية 3].
ونوه الله بشأنها بقوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [سورة القدر: آية 2، 3]؛
أي: العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، وألف شهر ثلاثة وثمانون عامًا وزيادة؛ فهذا مما يدل على فضل هذه الليلة العظيمة.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها ويقول صلى الله عليه وسلم
"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" [رواه البخاري في صحيحه (2/253).
وأخبر سبحانه وتعالى أنها تنزل فيها الملائكة والروح، وهذا يدل على عظم شأنها وأهميتها؛
لأن نزول الملائكة لا يكون إلا لأمر عظيم. ثم وصفها بقوله: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر: آية 5]،
فوصفها بأنها سلام، وهذا يدل على شرفها وخيرها وبركتها، وأن من حرم خيرها؛ فقد حرم الخير الكثير.
- أنها ليلة أنزل الله فيها القران,قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر).
- أنها ليلة مباركة , قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة).
- يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام, قال تعالى: (فيها يفرق كل أمر حكيم).
- فضل العباده فيها عن غيرها من الليالي , قال تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر).
- تنزل الملائكة فيها الى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة۔ فقد قال اللہ تعالى:
(تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر).
- ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر وتكثر فيها السلامة من العذاب
ولا يخلص الشيطان فيها الى ماكن يخلص في غيرها فهي سلام كلها۔ قال تعالى: (سلام هي حتى مطلع الفجر).
- فيها الغفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل۔ قال صلى الله عليه وسلم:
(من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه).(متفق عليه).
فليلة هذه فضائلها وخصائصها وهباتها ينبغي علينا أن نجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الصالحه...
فانها فرصة العمر والفرص لاتدوم فأي فضل أعظم من هذا الفضل لمن وفقه الله فاحرصوا رحمكم الله
على طلب هذه الليلة واجتهدوا بالأعمال الصالحة لتفوزوا بثوابها فان المحروم من حرم الثواب ومن تمر عليه مواسم المغفرة...
ويبقى محملا بذنوبه بسبب غفلته واعراضه وعدم مبالاته فانه محروم أيها العاصي تب الى الله واسأله المغفرة
فقد فتح لك باب التوبة ودعك اليها وجعل لك مواسم للخير تضاعف فيها الحسنات وتمحى بها السيئات فخذ لنفسك بأسباب النجاة.
اللهم اجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر فأجزلت له المثوبة والأجر وغفرت له۔
اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أعلنا وما أسرنا وما أنت أعلم به منا.
برحمتك يا عزيز يا غفار..وصلى الله على نبيا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(( منقول ))